أكاديميون يناقشون الكيفيات الناجعة في تعزيز آليات الترافع عن الوحدة الترابية
شكّل موضوع الترافع عن قضية الوحدة الترابية للمملكة المغربية محور يوم دراسي احتضنته قاعة الندوات بكلية الطب بوجدة، أمس الثلاثاء، من تنظيم جامعة محمد الأول بشراكة مع ولاية جهة الشرق.
وعرف هذا اليوم الدراسي مشاركة أساتذة جامعيين وباحثين ومهتمين وخبراء في الموضوع، من بينهم على الخصوص البشير الدخيل، الخبير في ملف الصحراء المغربية والقيادي السابق في “جبهة البوليساريو”.
في هذا السياق، قال البشير الدخيل، في مداخلة حول الإستراتيجية الجزائرية للتصدي لاستكمال الوحدة الترابية للمغرب، إن هدف هذه الإستراتيجية هو “جزائرية المنطقة”، أي دفع المنطقة بأكملها لتصبح تابعة للنفوذ الجزائري، إلى جانب محاولة معاكسة أي تنمية في الصحراء المغربية حتى لا يحفّز ذلك القبائل المشكّلة لها على الانضمام إلى المغرب، مستحضراً ما وصفه بـ”تهريب” الجزائر شركة إيطالية كان قد أوكل لها المغرب محاولة البحث عن البترول في المنطقة.
وأضاف الدخيل أن الجزائر في إستراتيجيتها ضد مصالح المغرب كونت خطابا يبدو بسيطاً جداً ينبني على غرس عدد من الأفكار في شعبها والمجتمع الدولي، أولها أن “المغرب احتل الصحراء بعد مغادرتها من طرف إسبانيا”؛ ثم التأكيد على “خصوصية الشعب الصحراوي” التي قال عنها: “لا أرى كصحراوي هذه الخصوصية التي يبنيها البعض على اللباس أو الحسانية التي لا تختلف عن الدارجة المغربية إلا في النطق، كما تختلف إسبانية غرناطة عن إسبانية إشبيلية أو دولة تشيلي”.
من جانبه، توقّف خالد شيات، الأستاذ بكلية الحقوق بوجدة، عند البعد الجيو-سياسي للقضية، متسائلا إن كان النزاع حول الصحراء المغربية ذا طبيعة جيوسياسية عالمية، أي يتأثر بالتغيرات الطارئة على المستوى الدولي، أم ذا طبيعة جيوسياسية إقليمية.
وتوقّف شيات في مداخلته عند مجموعة من التحولات التي حدثت في السنوات الأخيرة في هذا الملف، من بينها الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء وواقعة معبر الكركرات، وفتح القنصليات في الأقاليم الجنوبية المغربية، معتبراً أن أهم هذه التحولات هو الموقف الذي وصفه بـ”العميق” للدولة الإسبانية تجاه القضية، وذلك لاعتبارها فاعلا من الفاعلين الأساسيين الاستعماريين التقليديين.
زهر الدين طيبي، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بوجدة، اعتبر أنه “حان الوقت لتغيير نمط تعاطي الإعلام المغربي مع قضية الصحراء المغربية، والاعتماد على وسائل التواصل الحديثة في التعريف بهذه القضية بكل تفاصيلها، وتوفير وسائل الإقناع والحجاج خلال القيام بذلك”.
وبالنسبة لطيبي فإن “المغرب لديه قضية رابحة لكن بمحام فاشل”، داعيا إلى “العمل سنوياً على استدعاء عدد من الصحافيين ووسائل الإعلام الدولية، لاسيما من الدول المناوئة للطرح المغربي، للاطلاع عن قرب على أوضاع الأقاليم الجنوبية المغربية ومقارنتها مع وضعية مخيمات الجبهة الانفصالية”.
وفي السياق ذاته، نبّه هشام كزوط، الأستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة، إلى ما وصفه بـ”الضعف” الذي يعتري “الدبلوماسية الرقمية” للمغرب، التي يحتل فيها المرتبة الـ50 عالميا، بينما تحتل دول مثل أمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا وألمانيا وكندا وإسرائيل المراتب الأولى، وتوظفها في تحسين صورتها والدفاع عن سياساتها.
وأشار كزوط إلى أن المضامين الرقمية المتعلقة بالدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة في صفحات عدد من الوزارات والمؤسسات الحكومية على المنصات التواصلية العالمية كـ”تويتر” و”فيسبوك” “لا ترقى إلى المستوى المطلوب”، داعياً إلى “ترجمة الأوهام الـ11 التي تضمنها كتاب ‘مغربية الصحراء.. حقائق وأوهام’ إلى أشرطة وثائقية وكبسولات رقمية وإخضاعها لمنطق التفاعل والتسويق”.